tulio2008
عدد الرسائل : 71 العمر : 47 السٌّمعَة : 0 نقاط : 5745 تاريخ التسجيل : 27/08/2008
| موضوع: تفسير سورة يوسف (الجزء الثالث) السبت يناير 31, 2009 5:41 pm | |
| الفصل الثاني (21 درس) المشهد الأول: (من الآية 21 الى 22) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) التفسير: وصل يوسف عليه السلام الى مصر و بيع بيع العبيد حتى وصل في رحلته من خلال تنقله من مشتر الى مشتر ، الى أن وصل الى من توسم فيه الخير و رأى النور في وجهه. فاذا به يوصي امراته به خيرا (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ) بل و طلب منها أن تحسن معاملته و أن تهتم به في أمور اقامته و شئون حياته خاصة انه توسم فيه الخير و تطلع الى تحقيق أمل كان يصبو اليه و هو أن يكون له ولد حيث قال (عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) اذ لم يكن له ولد لعدم الانجاب، فهو لا يريده عبدا و لكن سندا و عونا أو ولد يتبناه. (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) أى بهذا الدخول و الاستقرار في هذا البيت بدأت مرحلة التمكين ليوسف في الأرض، و بالفعل (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) حيث انه لا يقع في ملك الله ولخلق الله الا ما يريده هو سبحانه و تعالى و مع ان هذا هو واقع الحال و هو واضح جدا (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أى لا يدركون حكمته في خلقه و لطفه بعباده و فعله لما يريد . عاش يوسف عليه السلام في هذا الجو من التكريم و الرعاية مخلصا للبيت الذي آواه و السيد الذي أكرمه و الأهل الذين أحاطوه بعطفهم ، مخلصا أيضا في حق خالقه الذي من عليه بهذا التكريم و هذه النعم و الذي نجاه من كيد اخوته حتى شب و بلغ أشده . (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أى استكمل عقله و نضج فكره و كثرت خبرته و صار أهلا لحمل الأمانة (آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا) أى آتيناه صحة الحكم على الأمور و الفهم لها و كذلك آتيناه علما بمصائر الحديث و تأويل الرؤيا و علما بالحياة و أحوالها و حكما صحيحا على الناس (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أى الذين يعملون بطاعة الله و يراقبونه دائما و يحرصون على مرضاته. و من هنا نستنتج هذه الدروس: الدرس الأول: قد توجد الفراسة في غير المؤمن و ذلك واضح في عزيز مصر الذي استبشر خيرا في يوسف و أمر امراته أن تكرمه . الدرس الثاني: السعادة في البيت و راحة البال لأفراد الأسرة تكون من المرأة الدرس الثالث: الناس يريدون و يدبرون و يجتهدون و قد يقع لهم غير ما أرادوا و هنا يجب الرضا و التسليم. و للأسف معظم الناس لا يدركون حكمة الله في خلقه .
المشهد الثاني: (من الآية 23 الى 24): وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) التفسير: قبل أن ندخل في محاولة تفسير آيات هذا المشهد ، نريد أولا أن نفكر و نستنتج بعض النقاط من ناحية المنطق و العقل و لن نتطرق الى الاسرائيليات التي ذكرت الكثير من التفاصيل عن هذا الجزء التي لجأ اليها للأسف بعض المفسرين فنحن سنكتفي بما ذكر القرآن الكريم و السنة النبوية و طالما هناك تفصيل لم يذكره القرآن فلأنه غالبا ليس هاما. كان يوسف عليه السلام غلاما بنص القرآن عندما التقطته السيارة (قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ) و الغلام في لغة العرب تعني طفلا في الرابعة عشر أو تنقص و لا تزيد و بعدها يسمى فتى ، فشابا ، فرجلا. و من المتوقع أن تكون امراة العزيز في حوالي الثلاثين من عمرها عندما جاء يوسف عليه السلام الى القصر و ألا ينقص عمر زوجها عن الأربعين و انهما لم يرزقا بأولاد، و مسألة تقدير السن هذه في غاية الأهمية لأن المحنة لم تكن في قضية المراودة فقط بل انها بدأت منذ مجيئه الى القصر و خلال هذه الفترة الحرجة في حياة الانسان فترة الاكتمال و النضوج و البلوغ المسماة بفترة المراهقة و هى 10 سنوات تقريبا التي عاشها في جو هذا القصر، و في هذه البيئة الجاهلية و التي لا حشمة فيها للمرأة و لا غيرة من زوج و لا ضوابط من شرع ، و على هذا النحو من المخالطة هى و هو في بيت واحد تحت سقف واحد طيلة الوقت و خلال هذه المدة الطويلة الخطيرة و هى قديمة لم تبدأ الآن و ان كانت قد انفجرت الآن يكون سن يوسف عليه السلام قد اقترب من الخامسة و العشرين أو حواليها و تصرف المرأة في الحادثة يشير الى أنها كانت مكتملة جريئة مالكة لأمرها مسيطرة على خادمها و فتاها فنرجح أن يكون عمرها وقت الحادثة ما بين الثلاثين و الأربعين . (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) نفهم من هذه الآية الكريمة أن المراودة هذه المرة مكشوفة و صريحة ، اذ حركة غلق الأبواب لا تكون الا في اللحظات الخيرة، و هى كما قلنا تملكه و هو في بيتها على الدوام و هو فتاها و خادمها و رغم صعوبة الاختبار الذي لا يصمد امامه الكثيرون و توافر الاغراءات الشديدة الا أنه نجح في الرد الفوري (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ) أى أعوذ بالله و ألجأ اليه و أحتمي به من أن أقع فريسة هذا الاغراء و أضعف و أستجيب لهذه الدعوة و ذلك لخوفي من الله ومرضاتي له ، ثم (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) أهكذا يكون ردي الجميل و احترامي لسيدي الذى أكرمني و هيأ لي اقامة كريمة في هذا القصر و كلمة "رب" هنا معناها السيد أو الحاكم ، فلا ينبغي أن أقابل ائتمانه بالخيانة كما (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) لأن استجابتي لهذه الدعوة تجرؤ على حرمات الله و ارتكاب هذه الخطيئة ظلم و لا أحب أن أكون ظالما حيث أن الظالم لا يفلح أبدا. (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) هم فعل و مقارفة للخطيئة فهى التي راودت عن نفسها و لم تتمالك عواطفها و لم تتحكم في غريزتها. (وَهَمَّ بِهَا) تحدث العلماء كثيرا في معنى هذه الآية و سنذكر أقربهم للصواب و لكن ينبغي أن نشير الى نقطة هامة، قال الامام أحمد بن حنبل : الهم همان ، هم خطرات و هم اصرار ، فهم الخطرات لا يؤاخذ به العبد و هم الاصرار يؤاخذ به العبد ،مثلا قد يخطر بقلبك و انت صائم شرب الماء البارد أو تناول طعام لذيذ و لكنك لم تصمم عزمك على هذا فهذا يسمى هم خطرات، فانك لا تؤاخذ عليه. و في الحديث "ان الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به" و سواء كان يوسف أو لم يكن نبيا بعد – كما يقول البعض- الا أنه كان انسانا صالحا تقيا عمل بما علمه الله من تحريم الزنا و مقدماته و خيانة الجار و السيد في أهله.فلا يسعنا سوى أن نقول أن هم يوسف كان هم خطرات لا أكثر. و(لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) لكان ما كان و لذا لم يكن شىء ، و هذا البرهان غير مذكور في القرآن على وجه التحديد و قد تكلم فيه العلماء و ذكروا أقوالا كثيرة، منها ما روى عن على بن أبي طالب رضى الله عنه أن هذه المرأة قامت الى صنم كان في زاوية البيت فغطته بثوب فقال لها يوسف: ما تصنعين ؟ قالت: أستحى من الهي هذا أن يراني في هذه الصورة ، فقال يوسف: أنا أولى أن أستحي من الله . (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) أى على هذا النحو من رعايتنا له أريناه برهاننا لنصرف عنه السوء و الفحشاء. (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) أى لأنه من عبادنا الذين صدقوا في عقيدتهم و عبادتهم و تطهروا في أخلاقهم و أحسنوا في معاملاتهم و أخلصوا لله تعالى فاجتباهم و اصطفاهم و طهرهم و أخلصهم له سبحانه و تعالى.
و من هنا نستنتج هذه الدروس: الدرس الأول: خطورة الخلوة بالمرأة في البيت فهذه الخلوة المحرمة تؤدى إلى المصائب العظيمة ، والمرأة إذا دعت الرجل إلى الحرام غير إذا دعى الرجل المرأة للحرام ، لأنها إذا دعت الرجل إلى الحرام أزالت الحواجز النفسية فالرجل يخشى إذا دعا المرأة إلى الحرام أن ترفض أو تستنجد بأهلها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال لماذا ؟ لأن الحرام صار سهل لأنها هي التي دعته. الدرس الثاني: الاجتراء على محارم الله و حدوده ظلم و الظالم لا يفلح و لا يسعد أبدا و لا ينجو من عقاب الله و غضبه ان لم يتوب. الدرس الثالث: الذي يدفع الضر و يجلب النفع و يصرف السوء هو الله تعالى .
| |
|
Islam . M . R رجل المستحيل
عدد الرسائل : 10843 الأوسمه : السٌّمعَة : 456 نقاط : 26709 تاريخ التسجيل : 01/04/2008
| موضوع: رد: تفسير سورة يوسف (الجزء الثالث) السبت يناير 31, 2009 7:44 pm | |
| جزاك الله كل خير علي هذا المجهود الرائع وبانتظار باقي الاجزاء ان شاء الله سلمت يداك وبارك الله في عملك | |
|
ملاك القلب
عدد الرسائل : 698 العمر : 36 العمل/الدراسة : محامية تحت التمرين الاقامة : ام الدنيا الأوسمه : السٌّمعَة : 6 نقاط : 6159 تاريخ التسجيل : 19/05/2008
| موضوع: رد: تفسير سورة يوسف (الجزء الثالث) السبت يناير 31, 2009 9:48 pm | |
| جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك | |
|
Salma Nader سندريلا المنتدى
عدد الرسائل : 3732 العمر : 34 العمل/الدراسة : IT الاقامة : Germany الأوسمه : السٌّمعَة : 87 نقاط : 76924 تاريخ التسجيل : 31/05/2008
| موضوع: رد: تفسير سورة يوسف (الجزء الثالث) الأربعاء فبراير 04, 2009 3:31 pm | |
| شكرا جدا علي التفسير والمجهود الرائع جدا جدا فعلا اسلوب مبسط وسهل جزاك الله كل خير | |
|
The Real DR مشرف قسم الطب البشري
عدد الرسائل : 4144 العمر : 38 العمل/الدراسة : طبيب امتياز السٌّمعَة : 8 نقاط : 6406 تاريخ التسجيل : 11/04/2008
| موضوع: رد: تفسير سورة يوسف (الجزء الثالث) الأربعاء فبراير 04, 2009 4:58 pm | |
| تفسير رائع وميسر جزاك الله خيرا وجعله الله تعالى فى ميزان حسناتك
| |
|